مشروع بحث الإجازة تحت موضوع : الهبة في العقار- الشروط والأثار

 مشروع بحث لنيل شهادة الإجازة في موضوع : 
الهبة في العقارالشروط والأثار 

الهبة في العقارالشروط والأثار

مقدمة :

     يعتبر حق الملكية من أوسع الحقوق نطاقا باعتباره يخول لصاحبه حق التصرف فيه. و التنازل عنه بالشكل الذي يراه مناسباً  وتنازل المالك على ملكيته قد يكون بعوض و قد يكون أو بدونه على شكل تبرعات كالوصيات و الهبات والصدقت التي تؤدي دورا كبيرا في تقوية الروابط الانسانية مصداقا لقوله تعالى " لن تنالوا البر حتى تنفقو مما تحبون الخاصة و أننا نشهد في عصرنا الحالي تفكك الروابط الانسانية وتشتتها وما يهمنا في هذه الدراسة هو عقد الهبة الذي يعد من أخطر التصرفات الناقلة للملكية لكونه يفقر الواهب و يغني الموهوب له، ذلك أن الواهب فيها يتجرد طواعية بإرادته الحرة والخالصة عن ممتلكاته إلى الشخص الموهوب له على وجه التبرع مما يشكل افتقارا في جانب الواهب و حرمانا لورثته من حقهم . و بعد أن كان الفقه الاسلامي هو المرجع الاساسي في تنظيم أحكام الهبة فإنه بعد صدور مدونة الحقوق العينية أصبحت الهبة منظمة لأول مرة بمقتضى القانون إذ تعرض لها المشرع المغربي ضمن أسباب كسب الملكية و التي جرى تنظيمها بموجب الفصل الثاني من الباب الثاني من القسم الأول من الكتاب الثاني من مدونة الحقوق العينية وذلك في الموادكم 273 إلى المادة 289، حيث تم تعريف مصطلح الهبة بمقتضى المادة 273 من نفس القانون علي أنه " الهبة تمليك عقارأو حق عيني لعقارما لأجل الموهوب له في حياة الواهب و ليس بعوض" و تستمد الهبة في مشروعيتها من القرآن الكريم  كما جاء في الآية الكريمة " وتعاونوا على البر والتقوى "2 حيث تحث الآية الكريمة على الخير والمعروف والأكيد أن الهبة تحقق هذه الغاية و في مجموعة من الأحاديث النبوية كما في قول الرسول صلى الله عليه و سلم " لو دعيت إلى ذراع أو كراع لقبلت و لو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت "3 . و في قول الرسول صلى الله عليه وسلم " من بلغه معروف عن أخيه من غير مسألة ولا إشراف نفس فليقبله ولا يرده ، فإنما هو رزق ساقه الله عز وجل إليه"

• أهمية الموضوع :

تكتسي الهبة في العقار أهمية بالغة سواء على المستوى النظري أو العلمي:

 - على المستوى النظري :

 فإن الهبة تعتبر موضوعا له أهمية بالغة سواء بالنسبة للعلاقات و الروابط الانسانية التي تقوم على أساس البر و الاحسان والتراحم و الود و الاخاء باعتباره عقدا يعكس جانب التكافل الاجتماعي و يتطلع لتعميق الروابط الاجتماعية و هو ما أدى لكثرة اللجوء إليه خصوصا و أن المشرع أسبغه بمجموعة من الضمانات لكل الأطراف. 

  - على المستوى العملي :

 كون موضوع الهبة في العقار من النزاعات المعروضة أمام ساحة القضاء ولكثرة ما يرد من أسئلة يطلب منها أصحابها معرفة الحكم القانوني والشرعي للتصرف الصادر من الواهب أو الموهوب له الذي يشكل نقطة تقاطع بين الجانب التشريعي والقضائي والفقهي كما يلعب وظيفة اقتصادية وإن كانت محدودة ذلك أن العقار الموهوب يشكل أحيانا مجالا لإقامة استثمارات أو محلا لمعاملات لاحقة تساهم في إنعاش الحركة الاقتصادية من خلال تقديمه حصة في شركة مثلا.

• أسباب اختيار الموضوع :

إن موضوع الهبة يحتاج إلى نظرة تخصيصية من حيث فهم موضوعها سواء من الناحية الشرعية أو من الناحية القانونية، ومن هنا لاحظنا أن البحث جدير بالاهتمام والدراسة رغم الصعوبات التي واجهتنا ورغم اختلاف الآراء الفقهية والقواعد القانونية، ولقلة المراجع العامة والمصادر الفقهية في حالة الضرورة لتحديد الأحكام التي ينص عليها المشرع المغربي.

الفصل الأول: النظام القانوني لعقد الهبة

     الهبة بصفة عامة هي الترام تعاقدي يجمع بين إرادتين يتميزان بالحرية في تأطير الحقوق والالترامات فيما بينهم، و لقيام عقد الهبة لا يتحقق إلا بتوفر مجموعة من الشروط التي بسببها أن تضمن له قوة إلزامية ونتائج نافذة المفعول.

هذه الشروط منها من يكتسى الصبغة العامة بحيث يقترن قيام عقد الهبة صحيحا وفقا للقواعد العامة الواردة في قانون الالتزامات والعقود ومنها ما يكتسي الصبغة الخاصة وهي الشروط الواردة في مدونة الحقوق العينية.

وعليه فإن دراسة النظام القانوني لعقد الهبة يقتضي معالجة ماهية عقد الهبة (المبحث الأول) وأركان الهبة في العقار (المبحث الثاني)

المبحث الأول: ماهية عقد الهبة

للوقوف على مفهوم عقد الهبة يستدعي الأمر منا معرفة التكييف القانوني له وموضع تناوله في الفقه والقانون. فلا شك أن التصرفات التي تدخل في نطاق التبرعات تحتاج التفصيل في خصوصياتها وما يميزها عما تشتبه به من تصرفات لذلك كان لزاما توضيح مفهوم عقد الهبة الذي يعتبر نوعا خاصا من التبرع.

وعليه فإن دراسة النظام القانوني لعقد الهبة يقتضي معالجة ماهية هذا العقد (المطلب الأول) ومقوماته (المطلب الثاني).

المطلب الأول: تعريف الهبة في العقار وتمييزها عن العقود المشابهة 

تعددت التعاريف لعقد الهبة بين الفقه والتشريعات الوضعية، والمتفق عليه أن الهبة من التصرفات التبرعية. وهذا ما سيتم توضيحه من خلال التعريف بعقد الهبة لغة واصطلاحا وقانونا، وحتى يكون مفهومه أكثر وضوحا لابد من تمييزه عن التصرفات المشابهة له.

الفقرة الأولى: تعريف عقد الهبة

1- تعريف الهبة لغة: مصدر وهب الشيء أو الحق بمعنى أعطاه بلا عوض، والهبة هي العطية بدون عوض. فإذا كثرت سمي صاحبها وهابا والوهاب من أسماء الله الحسنى، فهو سبحانه المعطي لعباده والمنعم عليهم. يعطي بدون سؤال وبلا أي طريقة وينعم بلا حيلة ولا  سبب ؟.

2- تعريف الهبة اصطلاحا: " هي تمليك ذي منفعة لوجه المعطى بغير عوض". بمعنى أن الهبة هي عقد ناقل للملكية وليس للمنفعة فقط، بين الأحياء لوجه الموهوب له دون مقابل.

- تعريف الهبة في التشريع المغربي

حسب المادة 273 من مدونة الحقوق العينية "فالتعريف بالهبة هي تمليك عقارمعين أو حق عيني عقاري ما لفائدة الموهوب له في عيش الواهب وليس بعوض"، وبالروجوع إدن حسب هذه المادة أنها بدأت بمصطلح الهبة على التعميم والاطلاق دون تخصيص ولا تقييد مع أن الكلام انصرف على التو إلى العقار والحقوق العينية العقارية، وكأن الهبة تتعلق بهذا النوع من الأموال العقارية والمنقولة والحقوق المادية والمعنوية.

الفقرة الثانية: تمييز عقد الهبة عن العقود المشابهة

1 - التمييز بين عقد الهبة وعقد الصدقة:

عرفت المادة 290 من مدونة الحقوق العينية الصدقة " بأنها تمليك بغير عوض لملك و يقصد بها وجه الله تعالى " ، نستنتج من هذا التعريف أن الهبة تمليك لذات بلا عوض فإن كانت لوجه الله و ثواب الآخرة فهي صدقة، وإن كانت لوجه القابض دون قصد ثوابالآخرة فهي هبة .

وتطبق عليهما نفس الأحكام ولا يفترقان إلى في أربعة أمور:

1- الهبة تعتصر بخلاف الصدقة التي لا يجوز اعتصارها والرجوع فيها.

2- لا يحق للمتصدق تملك الصدقة مرة ثانية بأي طريقة من طرق التملك إلا عبر الإرث. بخلاف الهبة فيجوز للواهب أن يشتري ما وهبه ولا يجوز أن يشتري ما تصدق به.

 3 - يصدق الواهب في نيته الثواب بمعني العوض، وإن لم يشترطه عكس المتصدق فلا يجوزأن يصدق في نية الثواب إلا إذا اشترطه فعلا فتصبح بذلك معاوضة.

4- يجوز للواهب الإنفاق من الهبة على أبيه إذا افتقر بخلاف الصدقة. 

وهذا ما أكدته مدونة الحقوق العينية من خلال المادة 291 التي نصت على أنه تسري على الصدقة أحكام الهبة مع مراعاة ما يلي:

- لا يجوز الاعتصار في الصدقة مطلقا.
- لا يحق ارجاع الملك المتصدق به إلا عبرالإرث.

2- التمييزبين عقد الهبة و عقد الوصية :

    الهبة عقد لابد فيه من إيجاب وقبول متطابقين وهذا ما نصت عليه المادة 274 . من مدونة الحقوق العينية، وبالتالي لا تنعقد الهبة بإرادة منفردة كما هو الشأن بالنسبة للوصية التي تتم بإرادة منفردة وهي إرادة الموصي فلا تنتج أثرها إلى بعد موت الموصي طبقا للمادة 13277 من مدونة الأسرة بخلاف عقد الهبة الذي ينشأ بالضرورة بين الأحياء.

    وأيضا من ناحية الرجوع عن الوصية سمح المشرع المغربي للموصي في العدول عن وصيته وإلغائها ولو التزم بعدم الرجوع فيها، وكذلك حق إدخال شروط عليها أو إلغاء بعضها كما يشاء . في حين لا يجوز الرجوع في الهبة إلا وفق الشروط والحالات المحددة قانونا .

3 - تمييز عقد الهبة عن عقد الوقف

    فالمادة 1 من مدونة الأوقاف قامت بتعريف الوقف علي أنه "كل مال حبس  كان أصله بصفة نهائية أو مؤقتة، وخصصت له منفعته تجاه جهة بر وإحسان سواء أكانت عامة أو خاصة، وتم تأسيسه إما بعقد أو بوصية أو بقوة " فالقانون ومن تم فالوقف هو حبس العين عن التصرف الناقل للملكية والتصدق بالمنفعة على وجه من باب الخير بإرادة الواقف فقط.

بينما الهبة فهي تمليك لمال تتم بإرادة الواهب والموهوب له .

للإطلاع علي باقي محاور بحث الإجازة المرجو الضغط علي الموضوع لبدء التحميل : الهبة في العقارالشروط والأثارPDF  


تعليقات