عرض الماستر بعنوان : نزاعات الشغل الجماعية

 عرض حول موضوع :
 نزاعات الشغل الجماعية

مقدمة

إن من الغايات التي تهدف إليها القاعدة القانونية بصفة عامة ، تنظيم مختلف العلاقات الناشئة بين الأفراد داخل المجتمع ، وذلك من اجل توقي وتفادي مختلف النزاعات و التوترات التي يمكن أن تظهر ، فتتدخل لتقوم بدورها العلاجي المتجلي في تنظيم كيفية تسوية النزاع واستمرار العلاقات وصيانة الحقوق والمصالح القائمة ، خاصة إذا ما اتخذت هذه النزاعات أبعاداً اجتماعية ، تتجاوز مجرد كونها علاقات اجتماعية مرحلية وهو ما تجسده العلاقات الشغلية سواء الفردية منها أو الجماعية .

    وفي هذا السياق تعتبر العلاقات الشغلية مجالا خصبا لتدخل المشرع ، باعتبارها علاقات قانونية تحمل في طياتها مجموعة من المتناقضات تشكل عناصر نزاع قابل في أي وقت لاندلاع ، وهو ما يمكن تترتب عنه عواقب وخيمة لاسيما على المستوى الاقتصادي ، وقد قام المشرع المغربي بتعريف نزاعات الشغل الجماعية ، وذلك بمقتضى المادة 549 من مدونة الشغل، دون الشغل الفردية ، وتولى تنظيم نختلف السيناريوهات الكفيلة بحلها ، حيث نص في المادة 550 " تسوى نزاعات الشغل الجماعية وفق مسطرة التصالح والتحكيم المنصوص عليها في هذا الشأن " رصد مجموعة من الجهات للقيام بذلك، فإلى جانب القضاء الرسمي ، يضطلع مفتش بدوره مهمة عن طريق الصلح ، ثم أيضا الدور التي تقوم ليه لجان البحث والمصالحة ، بالإضافة إلى التحكيم بعد فشل مسطرة التصالح .

والتحكيم لم يتم تعريفه في مدونة الشغل ، ليبقى الرجوع إلى تعريف الفصل 306 من القانون 08.05 المتعلق بالتحكيم والوساطة الإتفاقية.

    أما بخصوص نزاعات الشغل الفردي وإن لم يعرفه المشرع ، فقد عرفه بعض الفقه " ذلك النزاع الذي لايهم سوى أجير في مواجهة مشغله ، ولا تكون له إلا نتائج وآثار فردية لا تمس سوى مركز الأجير طرف النزاع في علاقته بمشغله بحيث يتعلق الأمر في غالب الأحيان بإدعاء يرتبط بحق شخصي يدعيه الأجير في مواجهة مشغله. 

وقد نص المشرع إلى جانب القضاء ، على الصلح كآلية لفض هذا النوع من المنازعات ، دون أن يتم التنصيص على التحكيم كما هو عليه الأمر بالنسبة لنزاعات الشغل الجماعية.

• إشكالية الموضوع والتصميم المعتمد :

أي خصوصية لتحكيم في نزاعات الشغل الجماعية ، وما مدى إمكانية إعماله في مجال نزاعات الشغل الفردية ؟

سنحاول الإجابة على هذه الإشكالية من خلال التصميم التالي :

المبحث الأول : مدى قابلية التحكيم في نزاعات الشغل الفردية
المطلب الأول : موقف المشرع والفقه والقضاء من اللجوء إلى التحكيم 
المطلب الثاني: شروط وإجراءات اللجوء إلى التحكيم في نزاعات الشغل الفردية
المبحث الثاني: خصوصية التحكيم في نزاعات الشغل الجماعية
المطلب الأول : خصوصية الإجراءات السابقة لإصدار القرار التحكيمي
المطلب الثاني: خصوصية الإجراءات اللاحقة لإصدار القرار التحكيمي

المبحث الأول : مدى: قابلية التحكيم في نزاعات الشغل الفردية
المطلب الأول : موقف المشرع والقضاء من اللجوء إلى التحكيم

الفقرة الأولى: موقف المشرع المغربي من اللجوء إلى التحكيم.

    إذا كان المشرع المغربي قد أقر صراحة اللجوء إلى التحكيم لحل الخلافات الجماعية الناجمة عن الشغل بمقتضى المادة 550 من مدونة الشغل فإنه التزم الصمت في ما يخص النزاعات الفردية.

و بالرجوع لقانون رقم 05-08 نري أن الفصل 308 يؤكد قاعدة عامة مفادها جواز التحكيم في جميع الحقوق التي يملك الشخص التصرف فيها، سواءا ما إدا كانت حقوق مدنية بالمعني الواسع أو تجارية. 

    ولتحديد نطاق المواضيع القابلة للتحكيم فقد جاء الفصل 309 من القانون 05-08 لنص هذا الفصل على أنه لا يمكن أن يبرم اتفاق التحكيم بخصوص تسوية النزاعات التي تخص مسألة الشخص وأهليته أو حقه الشخصي التي لا تدخل موضوع تجارة.

ولعل العبارة الأخيرة الواردة بالفصل 309 من القانون 05-08 والتي نصت على أن تكون الحقوق الشخصية القابلة للتحكيم موضوع تجارة توحي إلى القول بعدم إمكانية التحكيم في نزاعات الشغل الفردية انطلاقا من أن الحقوق الشخصية المترتبة عن عقد الشغل لا تعتبر موضوع تجارة. 

    وبالرجوع إلى الاستثناءات فإننا لا نجد الحقوق المترتبة عن عقد الشغل في حين ذهب البعض البعض بالقول بعدم جواز التحكيم في نزاعات الشغل الفردية لارتباطه النظام العام.

لكن برجوعنا لمواد مدونة الشغل، وكذا مواد قانون المسطرة المدنية لا نجد ما يمكن الإستناد إليه لا قضاء نزاعات الشغل الفردية من مجال التحكيم باسم النظام العام.

المادة 11 منق.م. ملا توجد قضايا الشغل ضمن هذا التعداد.

   وبما أن المشرع المغربي وضع قاعدة مفادها عدم جواز التحكيم في المواد التي لا يجوز فيها الصلح، وبما أن المشرع المغربي يقر بجواز الصلح في حقوق الأجير ولا يمنع ذلك صراحة فمن الممكن اللجوء إلى التحكيم في كل ما يتعلق بنزاعات الشغل، سواء عند قيام الشغل أو عند انتهائه، وعليه لا نرى في اللجوء إلى التحكيم أي مساس بالنظام العام.

الفقرة الثانية: الموقف القضائي والفقهي من التحكيم في نزاعات الشغل الفردية

في إطار مبدأ سلطان الإدارة فلا مانع يمنع طرفي عقد الشغل في اختيار الوسيلة المناسبة لحل نزاعاتهما وهو ما سلم به الاجتهاد القضائي المغربي بحيث تواتر على التسليم بمشروعية التحكيم في نزاعات الشغل الفردية. 

ففي قرار حديث صادر عن محكمة النقض، اعتبرت هذه الأخيرة بأنه "من الثابت من وثائق الملف ومستنداته أن طالبة النقض وبإرادتهما الحرة قامة باختيار محكم فريد وهو الأستاذ صلاح الدين بنرحال المحامي بالبيضاء وذلك بمقتضى الاشهاد المؤرخ في 2008/11/5 الصادر عنها والمصحح الإمضاء من طرفها، كما أنها صادقت على حكم التحكيمي إلى جانب مشغلتها لدى السلطات المختصة ولم تتقدم بأي طعن في الحكم التحكيمي إلى جانب مشغلتها لدى السلطات المختصة ولم تتقدم بأي طعن في الحكم التحكيمي المنيل بالصيغة النفيذية بتاريخ 2008/11/12 بناء على طلبها، بالإضافة إلى عدم إبدائها أية ملاحظة أو دفع أو تحفظ أثناء سريان مسطرة التحكيم، وذلك ما اعتبرته المحكمة الموضوع المطعون في قرارها وعن صواب لما اعتبرت الحكم التحكيمي الذي توصلت بموجبه الطالبة من مشغلتها المطلوبة) بالمبلغ المتفق عليه مقابل فسخ العلاقة الشغلية وتنازلها المصادق عليه عن ممارسة أي طعن كيفما كان نوعه، وكذلك أمر القاضي بتذييله بالصيغة التنفيذية، وانتهت إلى أن ما توصلت به الطالبة يعد تعويضا كاملا وتاما ولا حق لها في طلب أي تعويض آخر كيفما كان نوعه، وأن علاقة الشغل بين الطرفين انتهت بصفة رضائية بمقتضى الحكم التحكيمي المذكور الذي تم تحريره على الشكل القانوني الذي لا يقبل أي طعن، فيكون قرارها جاء مبنيا على اساس قانوني سليم". 

وفي قرار آخر سابق لها اعتبرت محكمة النقض وبشكل صريح بأن "مقتضيات قانون الشغل الذي تمسكت به المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف وكذا مسطرة التحكيم المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية، لا يستثني النزاعات المتعلقة بالشغل من مسطرة التحكيم، ولا من أي مسطرة أخرى قد يتفق عليها الطرفان لفض النزاعات بينهما".

المطلب الثاني: شروط وإجراءات اللجوء إلى التحكيم في نزاعات الشغل الفردية

إن الإقرار بجواز التحكيم في نزاعات الشغل الفردية يدفع إلى طرح سؤال يتعلق بكيفية تحديد شروط وإجراءات اللجوء إلى التحكيم وما تطرحه هذه من إشكالات.

الفقرة الأولى شروط أطراف العلاقة الشغيلة في اللجوء إلى التحكيم

أولا: أهلية الأجير

يحق لكل من المشغل والأجير اللجوء للتحكيم لكونه مبنيا على إرادة أطراف النزاع القائم مع مراعات التقييد الذي يطال هذا المبدأ من خلال المقتضيات التشريعية التي لا تسمح لغير المتمتع بأهلية الأداء اللجوء إلى التحكيم، ونفس القيد يطال الشخص الذي لا يملك حق التصرف في موضوع التحكيم. ويؤكد ذلك الفصل 308 من ق.05-08 بحيث يجوز لجميع ذوي الأهلية سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق التحكيم.

لكن الإشكال الذي يطرح هنا حول طبيعة الأهلية اللازمة لإبرام اتفاق التحكيم؟

فالمشرع المغربي حدد سن الرشد في 18 سنة شمسية كاملة بمقتضى المادة 209 م.أ.

وهذه الأهلية تتصل بصحة العقد طبقا للقواعد العامة للتعاقد. لكن برجوعنا للمادة 143 م.ش جعلت الحد الأدنى لسن التشغيل 15 سنة كاملة فهل يعتبر هذا الأخير أهلا لإبرام عقد التحكيم.

- أما بالنسبة للأجير الكامل الأهلية دون إصابته بعوارض الأهلية فالأمر لا يطرح أي إشكال بخصوص لجوءه إلى التحكيم.

- أما الأجير القاصر فإنه لا يمكنه إبرام اتفاق التحكيم إلا طبقا للقواعد العامة التي يخضع لها ناقص الأهلية.

ثانيا: أهلية المشغل

في حالة كان المشغل شخصا طبيعيا أو معنويا خاصا خاضعا لقانون الشركات فالأمر لا يطرح أي إشكال فإنها تخضع للقواعد العامة لكن فيما يتعلق بالأشخاص الاعتبارية المنتمية للقانون العام خصوصا إذا علمنا أن هناك بعض المؤسسات التي يطبق على أجراءها مقتضيات مدونة الشغل بحيث أن الفصل 310 من ق 05-08 بحيث لا يجوز أن تكون محل تحكيم النزاعات المتعلقة بالتصرفات الأحادية للدولة والجماعات المحلية أو غيرها من الهيئات المتمتعة السلطة العمومية. أما المقاولات العامة الخاضعة لقانون الشركات فإنها يجوز لها التحكيم.

الفقرة الثانية: إجراءات اختيار هيئة التحكيم.

غالبا يخضع اختيار هيئة التحكيم لإرادة الأطراف بناءا على حرية تعاقدية والمشرع المغربي طبقا للفصل 315 من ق.م.م ألزم طرفي عقد التحكيم تعيين المحكمين أو تحديد طريقة تعيينهما.

1- اختيار هيئة التحكيم من طرف الأجير والمشغل.

نظرا للخصوصية التي يتميز بها التحكيم في نزاعات الشغل الفردية فإنه يخضع للقواعد العامة للتحكيم فطريقة اللجوء للتحكيم فهي تتم في شكل عقد التحكيم منفصل عن عقد الشغل وأيضا فيما يتعلق من إجراءات أخرى من عزل المحكم فإنها تتم طبقا لمقتضيات ق 08-05.

2- تعيين هيئة التحكيم بأمر قضائي.

عندما تعتري صعوبة في تعيين المحكمين أو عدم التنصيص على طريقة تعيينهم أو هناك سبب من أسباب التجريح () فإنه يرفع الأمر إلى رئيس المحكمة المختصة طبقا للقواعد العامة. لكي يفصل داخل أجل 10 أيام بقرار غير قابل للطعن.

أما باقي الإجراءات فإنها تتم طبقا لما هو منصوص عليه في القانون 05-08.

للإطلاع علي باقي محاور عرض الماستر المرجو الضغط علي الموضوع لبدء عملية التحميل : عرض حول موضوع : نزاعات الشغل الجماعية

تعليقات